الأطفال هذا العالم البريء بإمكاننا أن نجعل منهم العالم والمفكر والمبدع، أو نصنع منهم لصوصاً وشذاذ آفاق، فرغم أن كل الرسالات السماوية والقوانين الوضعية التي أوصت برعايتهم وحسن تربيتهم وتوجيههم توجيهاً صحيحاً ليكونوا لبنة صالحة للمستقبل،
غير ان اطفال العراق فقدوا ابائهم وأمهاتهم , وهم يعيشون من دون مأوى , وتحت تفجيرات الارهاب , وزمهرير الشتاء , وتحت حرارة الشمس الحارقة في الصيف ..!
ومنهم من يموتون كل لحظة بل كل ثانية .. دون أن نحقق احتياجاتهم .. فقد فقدوا أعز وأغلى ما لديهم , إنه الأمان , وما زال العدد في تزايد , وهم يتحملون فوق احتمالهم ..!
هناك الكثير منهم ينتظر من يواسيه أو يمسح دمعة انهمرت على خديه , ذاك طفل تاه وسط مصاعب الحياة وهناك من يتضور من الجوع , وتلك ماتت تحت الأنقاض .و أطفال في عمر الزهور يخرجون من بيوتهم قبل أن تشرق الشمس حفاة الأقدام لكي يعملوا اعمال لا تناسب حتى الكبار وامام انظار المسؤولين فهل يقبل هؤلاء المسؤولون ان يكون حال اولادهم بهذا الحال
أن أطفالنا اليوم نسوا مفردات الطفولة وألعابهم الجميلة وأناشيدهم وأغانيهم المفرحة وأحلامهم السعيدة ، وإستبدلت بإسماء الأسلحة والمفخخات وشعارات الحروب، ونسوا حتى حياة الطفولة وأحلامها . ، والتي بدونها لا يمكن الحديث عن وطن حر ومزدهر ومستقبل مشرق لأجياله القادمة .
لقد ترك اطفالنا مقاعد الدراسة بحثا عن لقمة العيش لهم ولذويهم وعاشوا ويعيشون قساوة الحياة ومرارتها يبحث قسم منهم عن فرصة عمل في سوق العمل المحلي ،ومنهم من يقف على قارعة الطريق يتسوّل ومنهم ..و منهم ..و منهم .. و الحديث طويل
لأن لا حضنا يحضنه ولا بيتا يأويه ، ولا حكومة تنظر اليه ولا وجود لمؤسسات تساعدة وتؤهله للحياة الطبيعية مرة إخرى .
أن أطفال العراق أصبحوا، ضحية دكتاتورية الأمس وحروبها ومقابرها الجماعية، وإرهاب اليوم وجرائمه ومصائبه ومآسييه ، حيث إدخل الأطفال مجبرين في معارك وصراعات ومشاكل ومشاهدات ممنوعة دوليا ، أن يراها الأطفال في كل هذا الكون، حتى لو كانت على شاشات التلفاز ، فكيف بالطفل العراقي الذي عاشها ويعيشها ويتعايش معها بالرغم منه لأنها فرضت عليه من قبل حفنة من المجرمين والقتلة والجهلة ، أعداء الحياة والطفولة والمستقبل .
إننا اليوم أمام قضية كبيرة ومسؤولية أكبر تحتاج لجهود وعمل كل المخلصين والطيبين من أبناء شعبنا العراقي.
ان من يريد أن يؤسس ويبني عراقا ديمقراطيا ومزدهرا، عليه أولا أن يبذل كل الجهود وتسخير كل الإمكانيات والطاقات من أجل أعادة روح الطفولة المفقودة من أطفال العراق، ومساعدتهم ورعايتهم وجعلهم في مقدمة المهمات والأولويات ، لأن بدونهم لا حديث عن مجتمع سعيد ودولة عصرية حضارية ، لأن الأطفال في كل هذا العالم، ومنهم أطفالنا، يشكلون المجتمع وشريانه الحيوي الدائم وبدونهم لا مستقبل في هذه الحياة